فيما يلي ملخّص بحث تخرجّ نوقش بمركز القرارة يوم 26 ماي 2013 م، عنوانه: المدعوّون في المجتمع الإسلامي وأساليب دعوتهم.
تكوّنت لجنة المناقشة من الأساتذة: الدّكتور صالح بن عبد الله أبو بكر والدّكتور حمّو بن عيسى الشّيهاني والأستاذ عبد الوهّاب بن محمّد حميد أوجانة.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه و نستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن محمدًا صلى الله عليه وسلم،عبده ورسوله.
قال الله تعالى في كتابه الكريم :( وَمَنَ اَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) - فصلت الآية 33 -
في البداية و قبل كلّ شيء أود أن أشكر الله تعالى بأن كتب لهذا البحث أن يرى النور، بعد أن طالت فترته الجنينية التي كان يتكوّن فيها، بحركة النّملة التي تبطء في مسيرتها لكنها تصل إلى هدفها.
دوافع اختيار الموضوع :
إنّ من أهمّ الدوافع التي دفعتني لاختيار هذا الموضوع، هو رغبتي في أن أسهم بجهدٍ متواضعٍ في تكوين ودعم زاد الدعاة إلى الله عز وجلّ، الذين ملئوا الساحة الإعلامية، في المساجد والملتقيات، ومختلف المنابر، وأصبح العامة من الناس يساندون هذا وينتقدون ذاكَ، ونظرًا لصعوبة هذا الطريق الشاق، والحافل بالعقبات والأشواك، نحتاج إلى زادٍ كبيرٍ ودقيقٍ مستمد من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، كما نحتاج كذلك الاستفادة من العلوم المعاصرة مثل علم الاجتماع وعلم النفس ومناهج الدعوة والإعلام، هذا ما جعلني أهتمّ بموضوع الدعوة الناجحة، والأسلوب الأيسر الذي يؤتي أكله، ويؤثّر في قلوب المدعوين بمختلف أصنافهم .
أهمية الموضوع :
تَكمُن أهمية البحث أنه يتناول أسباب وأساليب هداية الخلق إلى نور الله ورضوانه، وهذا هو الفوز العظيم، وقد وصفه الله تعالى في كتابه العزيز بأنّه أحسن الأقوال : ( وَمَنَ اَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )، أما عن أهمية الدعوة الإسلامية بالتحديد، فقد رأيت المجتمع الإسلامي بالرغم من أن غالبيته تمارس الإسلام عبادةً وسلوكاً، إلاّ أنه يحتاج إلى كثير من التصحيح والتذكير، بداية من أساسه العقدي والإيماني ثم الخُلقي والسلوكي، وهدفي من هذا التصنيف أن أُسهّل على الداعي من أين ينطلق في دعوته وسط المدعوين، حيث أن المتأمل في المسلمين يجدهم درجات متباينة وجميعهم يدّعون الإسلام، وقد صعب عليّ من أي ناحية أقسّم المدعوين في المجتمع الإسلامي، وبعد أخذٍ وردٍ ومشاورات عديدة مع الأساتذة اهتديت على ضوء هذه الآية الكريمة، حيث يقول تعالى :( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقُم بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَالِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) - سورة فاطر الآية 32 -
تقسيمات البحث:
اهتديت إلى طريقةٍ للتقسيم تتناول أصناف المدعوّوين الذين يتواجدون داخل المجتمع الإسلامي، وذلك تسهيلا للداعي الذي يتوجه بدعوته إلى المجتمع الإسلامي، فيوجه خطابه اعتمادا على هذه الأصناف، وغني عن البيان أن أصناف المجتمع غير الإسلامي، غير معنيين بهذا البحث كالمشركين، والملحدين، وأهل الكتاب من اليهود والنصارى وغيرهم، لأنّ الأسلوب سيختلف والمنهج سيتغير، والوسائل في دعوتهم تختلف عن دعوة أصناف المجتمع الإسلامي، الذي هو موضوع بحثنا هذا. توكلت على الله فاقتبست تصنيف الآية السالفة، فاعتمدت التقسيم التالي :
1 ـ المنافقون و العصاة هم " الظالمون لأنفسهم"
2 ـ المقتصدون هم المذكورن في الآية بنفس المصطلح " منهم مقتصد "
3 ـ المهتدون يقابلهم في الآية "السابقون بالخيرات" .
إشكالية البحث :
وإشكالية بحثنا هذا هي : كيف يتغير أسلوب الدعوة إلى الله في القرآن الكريم مع تغير المدعو؟ وعلى ما يركز في دعوة كل صنف من أصناف المدعوّوين على ما يناسبه من أسلوب ؟ حتى تؤتي هذه الدعوة أكلها.
مباحث البحث : يحتوي البحث على خمسة مباحث وهي مُقسمة إلى مطالب و فروع حسب التفصيل التالي :
المبحث التمهيدي: ينقسم إلى ثلاثة مطالب، المطلب الأول ينقسم إلى أربعة فروع، يختص بذكر التعاريف اللغوية والاصطلاحية لموضوع الدعوة، كما يتناول حكم الدعوة وأساليبها وأنواعها ووسائلها، أما المطلب الثاني وهو بدوره ينقسم إلى فرعين اثنين، يتحدث عن الدعوة الإسلامية وأهدافها وأهميتها، أما المطلب الثالث فينقسم إلى فرعين اثنين ففي الأول يتحدث عن الداعي فيعرّفه لغة واصطلاحا ويذكر أهمّ صفاته، أمّا الفرع الثاني فيتحدث عن المدعو فيعرّفه، ويذكر بعض أصنافه.
المبحث الأول: صنف المنافقين ينقسم إلى ثلاثة مطالبَ، الأول يعرّف المنافقين لغة واصطلاحا ويبين أنواع النفاق وحكمه، أما المطلب الثاني فيتحدث عن أسلوب دعوة المنافق في القرآن من خلال الآيات التي تناولت دعوة المنافقين ووعظهم، أمّا في المطلب الثالث فيحاول إسقاط واقع النفاق والعبرة من دعوتهم .
المبحث الثاني: صنف العصاة ينقسم إلى ثلاثة مطالب، في الأول يعرّف العصاة والمعصية وأقسامها وحكمها، أما في المطلب الثاني فيركز على كيفية دعوة العاصي، أما في المطلب الثالث فنستفيد من بعض النماذج العملية الواقعية في دعوة العاصي، قسّمناه إلى ثلاثة فروع .
المبحث الثالث: صنف المقتصدين ينقسم إلى ثلاثة مطالب؛ في الأول يتناول التعريف بالمقتصدين لغةً واصطلاحًا في فرعين، أمّا في المطلب الثاني فيتناول كيفية دعوة المقتصدين، أما في المطلب الثالث فيحاول الإسقاط على الواقع و أخذ العبرة من الرسول صلى الله عليه وسلّم في دعوة هذا الصنف.
المبحث الرابع: صنف المهتدين ينقسم إلى ثلاثة مطالبَ أيضًا، في الأول يعرّف المهتدين في فرعين، أما في المطلب الثاني فيتحدث عن أسلوب دعوة المـهـتـديـن، والمطلب الثالث يركز على أخذ العبرة من أسلوب الرسول صلى الله عليه وسلّم في دعوته للمهتدين.
الخاتمة : وأنهيتُ البحث بخاتمةٍ لخصت فيها النتائج التي توصلت إليها بعد هذه الدراسة، وتتلوها فهارس الآيات والأحاديث النبوية الشريفة والمصادر والمراجع.
تطالعون في الجزء الثّاني بإذن الله ملخّصا عن أساليب الدّعوة في المجتمع الإسلامي، تمّ تقسيمها إلى:
- الأساليب المشتركة في الدّعوة
- الأساليب الخاصّة بكل فئة في الدّعوة