فيما يلي ملخّص بحث تخرجّ نوقش بمركز بنورة يوم 13 جمادى الأولى 1436 هـ الموافق 04 مارس 2015 م، عنوانه: أساليب المعاملة الوالدية كما يدركها الأبـنــاء في مرحـلــة الطفولة المتأخرة وعلاقتها بالسلوك العدواني؛ دراسة ميدانية على أبناء مدينة بنورة -غرداية
تكونت لجنة المناقشة من الأساتذة:
إبراهيم بن حمّو تامتلت/ رئيسا
محمد بن بايوب قشار/ مشرفا ومقرّرا
يحيى حاج امحمّد/ عضوا
المقــدّمـة:
إنّ الله تعالى قد أنعم على عباده بِنِعَم كثيرة وعظيمة، منها نعمة الأبناء، إذ يقول في محكم كتابه العزيز:﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمُوأَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ﴾ (النحل، 72) تُعَدُّ التّربيّة الأسريّة عنصرًا أساسيًّا في التّنشئة السَّليمة للأبناء، حيث تُعَدُّ السّنوات الأولى التي يقضيها الإبن في البيت من أكـبــر الرّوافد المسؤولة عن تشكيل شخصيّته.
إنَّ الأسرة تشكّل خطّ الدّفاع الأوّل، وأساليبُ معاملتها التّربويَّة تمثِّل حاجز الوقاية الأوّليّة لأبنائها من المشكلات الــنّــفـســـيَّـة والاجتماعيَّة وحتّى الاضطرابات التي تصيب الأبناء، ويقوم الوالدان بدور مميّز في بناء شخصيَّة الأبناء من خلال حسن معاملتهما لهم، والأساليب غير المتوازنة في المعاملة تجعلهم عرضة للإصابة بالاضطرابات السّلوكيَّة والأمراض النّفسيَّة.
إنّ السّلوك العدوانيّ من أصعب المشكلات التي يعانيها الأطفالُ أنفسُهم في علاقاتهم مع بعضهم بعضًا، وقد يأخذ هذا السّلوك أحيانًا أشكالاً بالغة الحدّة بطريقة تشكِّل خطورة على الطفل وعلى من حوله. كما يترك السّلوك العدوانيّ آثارًا سَلبيَّة على الطفلِ وعلى المجتمع على حدٍّ سواء، فقد يحول دون قيام علاقات إيجابيَّة بين الطفلِ المعتدي والمحيطين به، كما قد يهدّد أَمْن الأسرة والمجتمع لِمَا يسبّبه من الاضطراب وتهديد الآخرين، لهذا كان من الــضّــروري أن نفهم هذه المشكلة ونبحث عَنْ أساليب المعاملة الوالديَّة التي قد تُسَاهم في تصاعد السّلوك العدوانيّ لدى الطفل.
ولإجراء هذه الدِّراسة قمنا بتقسيم البحث إِلَى أربعة فصول على النحو الآتي:
الإشكـــاليـَّة:
هل توجد علاقة بين أساليب المعاملة الوالديَّة في الأسر البنوريَّة كما يدركها الأبناء في مرحلة الطفولة المتأخِّرة والسّلوك العدوانيِّ لديهم؟
فرضيـّـات الدّراسة:
1. هل تُوجد فروق في أساليب المعاملة الوالديَّة كما يدركها الأبناء في الأسر البنوريَّة؟
2. هل تُوجد فروق في السّلوك العدوانيِّ لدى أبناء الأسر البنوريَّة؟
3. هل تُوجد فروق في أساليب المعاملة الوالديَّة كما يدركها الأبناء في الأسر البنوريَّة باختلاف الجنس؟
4. هل تُوجد فروق في السّلوك العدوانيِّ لدى الأبناء في الأسر البنوريَّة باختلاف الجنس؟
أهـــداف الدّراسة:
تهدف الدّراسة الحاليّة إلى:
1. التّعرّف إِلَى أساليب المعاملة الوالديَّة كما يدركها الأبناء في مرحلة الطفولة المتأخِّرة من أسر مدينة بنورة.
2. التّعرّف إِلَى العلاقة بين أساليب المعاملة الوالديَّة كما يدركها الأبناء والسّلوك العدوانيّ لديهم.
3. التّعرّف إِلَى الفروق في أساليب المعاملة الوالديَّة كما يدركها الأبناء الذّكور والإناث.
4. التّعرّف إِلَى مستوى السّلوك العدوانيِّ لدى الأبناء الذّكور والإناث.
أدوات جـمع المـعلومــات:
نظراً لطبيعة الدّراسة وخدمةً لأهدافها، اعتمدنا لجـمع المـعلومــات عن عيِّنة هذه الدّراسة على:
1. مقياس أمبو (1980) EMBU لأساليب المعاملة الوالديَّة كما يدركها الأبناء.
2. مقياس السّلوك العدوانيِّ، من إعداد الطَّالبة.
3. النّسب المئويَّة، والمتوسِّط الحسابيِّ، ولانحراف المعياريِّ.
منهج الدّراسة:
إنَّ المنهج المناسب لهذه الدّراسة هو المنهج الوصفيّ الارتباطيّ، ويقصد به ذلك النّوع من أساليب البحث الذي يمكن بواسطته معرفة ما إذا كان هناك ثمَّة علاقة بين متغيِّرين أو أكثر، ثم معرفة درجة تلك العلاقة.
خصائص عيِّنة الدّراسة:
يتمثَّل مجتمع الدّراسة الحاليّة في أبناء (ذكوراً وإناثًا) مدينة بنورة، في مرحلة الطفولة المتأخِّرة، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 09- 12 عشر سنة، وإليه تنتمي عيِّنة الدّراسة التي تتكوَّن من ستّين (60) فردًا، تمَّ اختيارهم بشكل عشوائيّ.
خاتمة الدّراسة:
يتمحور الهدف الأساسيّ لدراستنا حول طبيعة العلاقة بين أساليب المعاملة الوالديَّة في الأسر البنوريَّة كما يدركها الأبناء في مرحلة الطفولة المتأخِّرة، والسّلوك العدوانيّ لديهم، حيث استخدمنا المنهج الوصفيّ الارتباطيّ، وذلك بتطبيق كلّ من مقياس أمبو (1980) EMBU لأساليب المعاملة الوالديَّة كما يدركها الأبناء، ومقياس السّلوك العدوانيّ من إعداد الطَّالبة، والنّسب المئويَّة، والمتوسِّط الحسابيّ، والانحراف المعياريّ. تكوّنت عيِّنة الدّراسة من 60 طفلاً من أسر مدينة بنورة، منهم 26 ذَكَرًا و34 أنثى وقد اُخْتِيرَت العيِّنة بطريقةٍ عشوائيَّة، وقــد توصَّلنا إِلَى النّتائج الآتية:
1. وجود علاقة ارتباطيَّة موجبة بين أساليب المعاملة الوالديَّة في الأسر البنوريَّة كما يدركها الأبناء في مرحلة الطفولة المتأخِّرة والسّلوك العدوانيّ لديهم، تقدَّر بـ 0.32 وهي دالَّة إحصائيًّا عند مستوى الدّلالة 0.05، ورغم كونها قيمة ضعيفة إلًّا أنَّها تكشف عن أهميّة حرص الوالدين على اختيار الأسلوب الأنسب في المعاملة الذي يحقِّق للأبناء الاستقرار الانفعاليّ والاجتماعيّ مستقبلاً.
2. عدم وجود فروق في أساليب المعاملة الوالديَّة كما يدركها الأبناء في الأسر البنوريَّة.
3. عدم وجود فروق في السّلوك العدوانيّ لدى أبناء الأسر البنوريَّة.
4. عدم وجود فروق معتبرة في إدراك أساليب المعاملة الوالديَّة في الأسر البنوريَّة بين الأبناء الذّكور والإناث، وقد بلغ الفرق 1.6 درجة فقط، وذلك من خلال مقارنة الفرق بين متوسِّطات إجاباتهم عن أسئلة مقياس أمبو (1980) EMBU لأساليب المعاملة الوالديَّة كما يدركها الأبناء، رغم التّشتّت الكبير في الإجابات.
5. وجود فروق في مستوى السّلوك العدوانيّ بين الذّكور والإناث في الأسر البنوريَّة، بلغ 11.52 درجة، وكان لمصلحة الإناث اللائي كنَّ أكثر عدوانيَّة، رغم وجود تشتّت كبير في استجاباتهنَّ، عكس الذّكور الذين أظهروا سلوكات عدوانيَّة أقلّ وأقلّ تشتّتًا، وقد تـبـيَّـن ذلك من خلال مقارنة الفرق بين متوسِّطات إجاباتهم عن أسئلة مقياس السّلوك العدوانيّ، وهو من إعداد الطَّالبة. ومن خلال ما توصَّلنا إليه نجد أنَّ الفرضية التي انطلقنا منها والمتمثِّلة في وجود علاقة بين أساليب المعاملة الوالديَّة في الأسر البنوريَّة كما يدركها الأبناء والسّلوك العدوانيّ لديهم قد تحقَّقت، بالإضافة إِلَى تحقّق الفرضيَّة الرّابعة في وجود فروق في مستوى السّلوك العدوانيّ بين الذّكور والإناث، وعدم تحقّق التّساؤلات الجزئيَّة الأخرى.
ومن خلال نتائج الدّراسة الحاليّة يمكن أن نقترح بعض الدّراسات المستقبليَّة مثل:
1. دراسة علاقة أساليب المعاملة الوالديَّة بالسّلوك العدوانيّ لدى الأبناء من فئات عمريّة مختلفة في مدينة بنورة، مع اعتبار متغيِّر المستوى الاقتصاديّ والاجتماعيّ.
2. دراسة علاقة أساليب المعاملة الوالديَّة ببعض المشكلات السّلوكيَّة لدى الأبناء في الأسر البنوريَّة.
3. دراسة أساليب المعاملة الوالديَّة والاضطرابات النّفسيّة لدى الأبناء في الأسر البنوريَّة.