كلية المنار للدراسات الإنسانية

ظاهرة انشغال الوالدين بالهاتف و تجاهلهم للأبناء (parental phubbing)

حاج اسماعيل زوليخاء بنت صالح

الاثنين 11 نوفمبر 2024

52

0

ظاهرة انشغال الوالدين بالهاتف و تجاهلهم للأبناء (parental phubbing)

عنوان المقالظاهرة انشغال الوالدين بالهاتف و تجاهلهم للأبناء (parental phubbing)

ماهي ظاهرة الانشغال بالهاتف وتجاهل الآخر "Phubbing " ؟
يعتبر التجاهل بالهاتف أحد الظواهر التي عرفت انتشارا واسعا بين مختلف شرائح المجتمع في زمننا المعاصر، وهذا بسبب امتلاك شريحة كبيرة من المجتمع للهاتف الذكي وكذا تطور تكنولوجيات الاتصال. فقد غيرت الهواتف الذكية من نمط التواصل بين الأفراد خاصة داخل الأسرة، مما أثر على العلاقات بينهم. و من المعروف أن الروابط و العلاقات الأسرية المتينة هي الأساس لتربية سليمة و ينبهنا رسول الله (ص)  لأهمية حرص الولي على شؤون أسرته من جميع النواحي حيث قال(ص): " إن الله سائل كل راع عما استرعاه أَحفِظ أم ضيّع ، حتى يُسأَل الرجل عن أهل بيته"(رواه النسائي و ابن حيان)
فسلوك الانشغال بالهاتف وتجاهل الآخر يعبر عن سلوك غير مستحب يتمثل في انشغال الشخص بهاتفه الذكي بدل تركيز اهتمامه على التواصل وجها لوجه مع الشخص الماثل أمامه، مما قد يشعر هذا الأخير بأنه تم تجاهله لكونه غير مهم. و يزداد الأمر سوءا عندما يحدث بين الزوجين أو الوالدين و أبنائهم.
أسباب انتشار ظهور سلوك الانشغال الهاتف وتجاهل الآخر
ترتبط الأسباب الرئيسة لظهور هذه الظاهرة ارتباطا مباشرا بالإستعمال المفرط وغير العقلاني للهاتف الذكي، حيث أن كل أنواع الإدمانات التي ترتبط بالهاتف الذكي ذات صلة بهذا السلوك، كما ساهم ضعف السند و العلاقات الاجتماعية في لجوء الناس إلى الانغماس في الهواتف لتعويض النقص أو الهروب أو الترفيه. و يمكن حصر أهم الأسباب فيما يلي:
-  
إدمان وسائل التواصل الاجتماعي بسبب رغبة الأشخاص في بناء شخصيتهم الاجتماعية من خلال هذه الوسائل
-  قلق الشخص حيال عدم معرفة آخر أخبار الواقع الافتراضي لرغبته في البقاء على اطلاع بما يفعله الآخرون
- يؤدي إدمان الأنترنيت والألعاب الالكترونية إلى هذا السلوك لبقاء الشخص متصلا ومركزا على هاتفه طوال الوقت
- عدم تلقي الأشخاص للدعم الاجتماعي الكافي، فيلجؤون إلى تعويض النقص بخلق بيئة افتراضية بهدف بناء العلاقات وتنشيط التواصل مع الأخرين، أو تلقي الدعم العاطفي
- الشعور بالملل، و كذا الشعور بالوحدة أو لكونه يخشى أن يلاحظ الآخرون بأنه وحيد.
-
الرغبة في التهرب من المواقف الاجتماعية 
-
القلق حول رأي الناس فيهم في مواقع التواصل ما يجعلهم يراقبونها باستمرار.
 

👈آثار سلوك الانشغال بالهاتف وتجاهل الآخر على الممارسين للسلوك:
 
 1-  
تدني مستوى فهم الذات واليقظة الذهنية، مع ضعف التواصل والوعي بالواقع.
 2-
عدم قدرة الطلبة على التركيز في الأنشطة الصفية لعدم قدرتهم على مشاهدتها حتى النهاية، بالإضافة إلى عدم قدرتهم على قراءة اللوائح والنصوص الطويلة.
 3-
تأثر طريقة عمل الدماغ وبالتالي قدراته على التفكير، التركيز وتخزين المعلومات، بسبب التشتت المرافق لكيفية ومدة استعمال الهواتف الذكية والأنترنيت
4-  يؤدي نزع الهواتف من الطلبة (المدمنين عليها) إلى رفع مستوى القلق والتوتر وبالتالي التأثير على إمكانيات أدمغتهم في معالجة المعلومات وتذكرها.
 5-
عدم التركيز في المحادثات المباشرة وتفويت ونسيان أجزاء منها
  صعوبة التركيز مع شخص معين أثناء التواصل، و تشتت انتباههم بسبب الهاتف الذي يرسل الإشارات باستمرار 
👈آثاره على المتعرضين له:
1-  شعور الأشخاص بعدم الرضا، مما يؤدي إلى تدني شعوره بالتواصل والتعاطف والمشاركة وارتفاع شعوره بالاغتراب 
  2-
استجابة المتعرض للتجاهل بممارسة سلوك التجاهل بدوره. فيزداد هذا السلوك انتشارا،        ويتحول إلى سلوك مقبول بسبب الاعتياد عليه.
 3-
يزيد من المشاعر السلبية بين الأزواج كالحزن، الغضب، الاستياء مما يعمق الشعور بالوحدة خاصة عند الزوجات ويؤثر على الرضا وجودة العلاقة.
4-  
عدم ترك مساحة للتأمل الذاتي خلال فترات الفراغ، والتأثير على مستوى اليقظة الذهنية (عيش اللحظة الراهنة والوعي بما يحدث فيها) وهذا بسبب تشتت الذهن بين العالم الافتراضي والواقعي
  5-إدمان الأبناء على الأنترنيت والهواتف الذكية، بسبب شعورهم بالوحدة نتيجة انشغال الوالدين بالهواتف وتجاهلهم لهم
6-  نقص التفاعل بين الوالدين وأبناءهم، وازدياد السلوكيات العدائية ضد الأبناء كالإساءة اللفظية والرمزية، خاصة عند احتجاجهم على الوالدين قصد لفت انتباههم وبحثا عن الاهتمام مما يؤدي إلى انخفاض مستوى المهارات الاجتماعية كالتعاطف وإصابة الأبناء باضطرابات القلق
 7- إهمال الاحتياجات النفسية لدى الأبناء يسبب لهم الشعور بالرفض و بالإهمال و بان الهاتف أكثر قيمة منهم بالنسبة لوالديهم، ما يؤثر سلبا على صحتهم النفسية و يؤدي إلى انخفاض تقدير الذات، الثقة بالنفس والأمل في المستقبل، وكذا تدني القدرات المعرفية كحل المشكلات واتخاذ القرارات ما  ينتج عنه انخفاض جودة التربية.
8-
زيادة شدة المشكلات السلوكية لدى الأبناء كفرط الحركة، المشكلات الأكاديمية كتأخر اللغة، والمشكلات العلائقية المؤدية إلى تعلق غير آمن مما يقلل الرضا عن العلاقة بين الوالدين وأبناءهم
👌🏻بعض الحلول للتقليل من آثار هذا السلوك:
قال رسول الله (ص):" كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته" . و هذه المسؤولية تقتضي من الوالدين الحرض على أن يكونوا قدوة حسنة لأبناءهم و يجاهدوا و يجتهدوا في تربيتهم لذلك
على الأولياء إدراك أهمية و حساسية أدوارهم في التربية، و التحكم في كيفية استخدامهم للهاتف، لكونهم الطرف المباشر الذي يقتدي به الطفل و يتلقى منه قيمه و مبادئه ، و يقلده في سلوكاته. قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم:6
التركيز على بناء علاقة إيجابية و قوية مع الأبناء و إشباعهم عاطفيا و تقويتهم نفسيا، لتقليل تأثرهم بتجاهل الآخرين لهم بالهاتف سواء أولياءهم أنفسهم أو غيرهم.
ملأ أوقات الفراغ بالهوايات التي لا نحتاج فيها للهواتف و الشاشات الذكية، والتركيز على القيام بالمهام اليومية بعيدا عنها
•  
الإلتزام بعدم استعمال الهاتف في الأوقات المشتركة للأسرة كوقت الأكل، المجالس العائلية، الزيارات أو  النزهة... (وضع هواتف الجميع في سلة أو علبة مخصصة لها ، تركها بعيدا عن المتناول، إبقاءها في وضع الصامت...)
تقنين ومراقبة أوقات استعمال الهاتف الذكي سواء الآباء أنفسهم و خاصة الأبناء، لتعليمهم قيمة الوقت و استثماره في ما يفيدهم. قال رسول الله (ص): " لأن يؤدب الرجل ولده خير من أن يتصدق بصاع"
•  
الإلتزام بوضع الهواتف جانبا و التركيز على التواصل البصري و إبداء الاهتمام أثناء التحدث 
حرص الأسرة على تعزيز قيم الترابط و التآزر بين أعضائها و تقديم المساندة لبعضهم البعض.
التوعية بمخاطر الاستعمال المفرط للشاشات الذكية و انعكاساتها الخطيرة على الصحة النفسية  و الفزيولوجية و كذا الجانب السلوكي و الاجتماعي، خاصة لدى لأبناء لكونهم في طور النمو.
فعلى الوالدين الحرص على حماية أبنائهم و حتى انفسهم من خطر الهاتف، لضمان تنشاة صالحة لابنائهم كي يكونوا خير خلف لخير سلف .فقد قال رسول الله (ص) : "ما نحل والد ولدا من نحل أفضل من أدب حسن" .
المرجع التعلق كمتغير وسيط بين انشغال الوالدين بالهاتف و تجاهل الأبناء و المشكلات الانفعالية و السلوكية للمراهقين.  مذكرة ماستر في تخصص علم النفس العيادي (2023).

إعداد الطالبة حاج إسماعيل زوليخاء.

 

أضف تعليقا